ما مدى تأثير عقوبات الغاز الأمريكية على روسيا؟


ما مدى تأثير عقوبات الغاز الأمريكية على روسيا؟


تتسم التصريحات الأمريكية حول العقوبات على روسيا بالتسرّع، كما أن بحث أمريكا عن تحرير أوروبا من الغاز الروسي يصطدم بواقع أن تهميش روسيا في هذا المجال أمرٌ في غاية الصعوبة بسبب عوامل موضوعية كثيرة.
يُبدي الرئيس الأمريكي باراك أوباما استعداد بلاده لتصدير الغاز إلى أوروبا لتحريرها من الغاز الروسي، بينما يُجمع الخبراء على أن ذلك ما هو إلاّ تصريح مدوّ، ولكنه صعب التحقيق من الناحية العملية، إذ لن يتمكن الأمريكيون من زحزحة "غازبروم" خلال عدة عقود على أقل تقدير.
فقد أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباماً مؤخراً في بروكسيل خلال مؤتمر صحفي عقب مؤتمر قمة الولايات المتحدة الأمريكية ـ الاتحاد الأوروبي قائلاً: " نحن مستعدون للسماح بتصدير الغاز الطبيعي بتلك الكميات التي تستخدمها أوروبا يومياً".
ولدى التطرق إلى امكانية فرض عقوبات إضافية على روسيا بسبب الأحداث الأوكرانية، صرح أوباما بأن جهود الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية ينبغي أن تتركز على مسألة الطاقة، حيث أكد بأن "على أوروبا أن تبحث بصورة أكبر عن كيفية تنويع مصادر إمداداتها بالطاقة".
ويقول سيرغي فاخرامييف الخبير في مجال الطاقة لدى شركة " أنكورانفيست" الاستثمارية لصحيفة "فزغلاد" بأن هذا بالطبع تصريح قوي اللهجة، ولكنه يحمل كثيراً من " لكن" التي تدل على أن تهديدات أوباما غير قابلة للتحقيق خلال العقود القليلة القادمة على الأقل.
 في البداية يجب البناء
من أجل تصدير الغاز عبر المحيط، يتعين على الولايات المتحدة الأمريكية ـ بالإضافة إلى تحرير صادرات الوقود الأزرق ـ أن تبني محطات للغاز المسال، فمنذ عام 2011 وافقت وزارة الطاقة الأمريكية على ستة طلبات فقط لبناء محطات تصدير للغاز المسال، وفي نهاية مارس / آذار الماضي جرى التصديق على الطلب السابع، وعلى وجه التحديد، فقد تمت الموافقة على محطة لشركة Cheniere Energy Partners في لويزيانا ومحطة Freeport في تكساس، بينما ما زال هناك 25 مشروعاً آخر لم تتم الموافقة عليها حتى الآن.
ولكن المحطات التي تمت المصادقة عليها تحتاج في البداية إلى البناء، ذلك أن أول محطة تصدير للغاز المسال لن تُبنى قبل نهاية العام 2015، ما يعني أن الصادرات الأولى من الغاز الأمريكي لا يمكن أن تبدأ قبل عام 2016، كما سيجري تشميلُ مشاريع بناء المحطات التي تم المصادقة عليها تدريجياً حتى عام 2020، بينما لم تتم المصادقة على مشاريع أخرى بعد هذا التاريخ.
وتصل الطاقة الإجمالية للمحطات المشمولة بالموافقة التي ستدرج اعتباراً من 2016 وحتى 2020 إلى 118 مليار متر مكعب من الغاز.
ولكن حتى إذا أرسلت الولايات المتحدة كل هذه الكمية البالغة 118 مليار م3 مباشرة إلى البلدان الأوروبية فإنها لن تتمكن من التخلص من الغاز الروسي، وحسب تقديرات فاخرامييف فإن روسيا صدّرت في عام 2013 إلى أوروبا ( باستثناء تركيا) حوالى 135 مليار متر مكعب، إذ قال بأن " التخلي عن مثل هذا الحجم بين ليلة وضحاها أمر غير ممكن، ناهيك عن أن آفاق وصول الغاز الأمريكي إلى السوق الأوروبية ما زالت بعيدة". بالإضافة إلى ذلك، فإن الولايات المتحدة لا يمكن أن تسمح بتصدير كل الكمية المعلَن عنها، لأن قد تكون بحاجة إليها.
وصرح رستم تانكايف المدير العام لشركة " إنفو ـ تيك ـ تيرمينال" والخبير الأول لاتحاد الصناعيين في قطاع النفط الروسي لموقع " فيستي. رو" بأنه" قبل عام 2012، كان لدى الولايات المتحدة عجز في الغاز، على الرغم من أن هذا العجز كان ينخفض طوال الوقت، أما في عام 2013 فقد وُجد بعض الفائض، ولكنه ضئيل جداً، وليس معروفاً حتى الآن ما هي الكميات التي تستطيع أن تصدرها إلى السوق الأوربية".
هل سيوافق رجال الأعمال؟
هناك مشكلة أخرى تتعلق في أنه منذ البداية لم يكن مقرراً تصدير الغاز الأمريكي إلى أوروبا، بل إلى الأسواق الآسيوية، لأن ذلك مفيد أكثر من الناحية الاقتصادية.
ويقول سيرغي فاخرامييف بأن "رجال الأعمال يمكن أن يصدروا هذا الغاز إلى أي مكان، ولكن المسألة تكمن في أن أسعار الوقود الأزرق في الأسواق الآسيوية أغلى مما هي عليه في أوروبا، وبالنسبة لرجال الأعمال (المشاركين البراغماتيين في السوق) فمن غير المعروف كيف يمكن إرغامهم على بيع الغاز بأسعار أرخص ( إلى أوروبا نفسها على سبيل المثال)".
وحسب تقديراته، فإن أسعار الغاز في آسيا تساوي 15 دولاراً مقابل كل مليون وحدة وقود بريطانية (BTU)، أما في أوروبا فهي أكثر من 12 دولار بقليل، وإذا كان الفارق 3 دولارات فهذا يعني حوالي 100 دولار لكل 1000 م3، أي أن كل 1000 م3  من الغاز في آسيا أغلى بمئة دولار من أوروبا كحد أدنى، وفي بعض الحالات يمكن للفارق أن يكون أكبر من ذلك.
ولا يستبعد فاخرامييف أنه" يمكن أن يذهب الغاز الأمريكي في البداية إلى آسيا، وعندما تنخفض الأسعار هناك (بسبب الزيادة في العرض ـ المحرر)، آنذاك يمكن البدء بالتصدير إلى أوروبا"، أي أن إزاحة الغاز الروسي (بشكل جزئي) من أوروبا من خلال الغاز الأمريكي سوف تؤجل بهذا الشكل أو ذاك لسنوات طويلة.
أوروبا ليست مستعدة للاستقبال
حتى إذا استطاعت الولايات المتحدة الأمريكية، بطريقة سحرية ما، أن تحل جميع مشاكلها المذكورة أعلاه بخصوص توريد الغاز المسال إلى أوروبا، فإنها سوف تصطدم بمشكلة جديدة، وهي غياب البُنى التحتية المُعدّة هناك، وتبرز هذه المشكلة بصورة حادة في أوروبا الشرقية التي تعتمد بدرجة أكبر على استيراد الغاز الروسي، وعلى سبيل المثال فإن ليتوانيا تعتمد بنسبة 100% على الغاز الروسي.
ويعلل الخبير لصحيفة " فزغلاد" قائلاً: " يمكن للولايات المتحدة الأمريكية أن تصدّر الغاز إلى بلدان أوروبا الغربية، إلى إسبانيا وبريطانيا وفرنسا على سبيل المثال، لأنه يوجد هناك محطات للغاز المسال، ولكن في أوروبا الشرقية فإن هذا غير ممكن بسبب البنى التحتية المحدودة، فهناك لا توجد محطات لاستقبال الغاز المسال الأمريكي، كما لا توجد إمكانية إعادة توجيه الغاز الأمريكي عبر أنبوب الغاز من غرب أوروبا إلى شرقها، فجميع تدفقات الغاز تذهب من الشرق إلى الغرب".
وبالإضافة إلى ذلك فإن البلدان الأوروبية وقعت مع شركة "غازبروم" عقوداً طويلة الأجل لمدة عشرين عاماً لتصدير الغاز، وبهذا الصدد يتساءل فاخرامييف بدهشة قائلاً: " ما الذي ينوون فعله بهذه العقود، مخالفتها؟"،  ويضيف قائلاً: " لا شك أن اعتماد أوروبا على الغاز الروسي يمكن أن يتقلص تدريجياً، ولكن بوتائر بطيئة جداً".
المصدر: نشر هذا المقال لأول مرة في موقع "فزغلياد" باللغة الروسية

1 commentaires:

Anonyme الكاتب

Samurai Casino | Shootercasino.com
Samurai Casino 1xbet korean is a casino in Malta with a license issued by the Malta Gaming Authority. It is operated by deccasino Direx N.V.E., 제왕 카지노 one of the world's largest

تعليق

Enregistrer un commentaire